أثناء دراسة بيانات السجناء على مدار عامين، لاحظت لورا داج وفريق من الباحثين الصحيين سيناريو متكررًا يتعلق بالأيام التي يتم فيها إطلاق سراح السجين وعودته إلى مجتمعه. وجد الباحثون أن عددًا كبيرًا من السجناء يتم إطلاق سراحهم وهم يعانون من مشاكل صحية مزمنة، ويقومون بالتسجيل فورًا في برامج الرعاية الصحية المدعومة من الحكومة، ولكنهم يتوقفون بعد ذلك عن تناول أدويتهم.

لماذا يتوقفون عن تناول الأدوية المجانية (أو شبه المجانية)؟ وهل يحصل السجناء السابقون على الرعاية المناسبة عند عودتهم إلى مجتمعاتهم؟ هذه الأسئلة تطرحها دراسة جديدة شاركت في تأليفها لورا داج، الحاصلة على درجة الدكتوراه والأستاذة في كلية بوش للحكومة والخدمة العامة.

تقول داج: “تناول الأدوية مهم للأفراد ولمجتمعاتهم.”

نُشرت الدراسة في مجلة “JAMA Network Open”، وهي واحدة من أبرز المجلات الطبية. حددت داج وزملاؤها عدة اتجاهات، أبرزها ميل السجناء السابقين إلى التوقف عن تناول الأدوية الخاصة بالحالات المزمنة حتى عندما تكون التكاليف مغطاة من قبل برنامج Medicaid، وهو برنامج التأمين الفيدرالي-الولائي المخصص للأشخاص ذوي الدخل المنخفض. وجد الباحثون هذا الاتجاه مثيرًا للاهتمام بشكل خاص لأن دراسات أخرى أظهرت أن برنامج Medicaid يزيد من فرص الوصول إلى الرعاية الصحية للأشخاص الذين كانوا مسجونين سابقًا. تشير الدراسة الجديدة إلى أن التأمين وحده قد لا يكون كافيًا.

لا تقترح داج وزملاؤها تغييرات في السياسات لمعالجة نتائجهم، لكنها قالت إن النتائج تشير إلى أن سياسات جديدة لبرنامج Medicaid لتوجيه السجناء السابقين عند عودتهم إلى مجتمعاتهم، بما في ذلك السياسات التي يتم تشجيعها بالفعل بموجب قانون الدعم الفيدرالي (Support Act)، “يمكن أن تكون ذات تأثير كبير.”

ركزت داج وفريقها دراستهم على ولاية ويسكونسن، واختاروا هذه الولاية جزئيًا لأنها تقوم بعمل غير عادي في تتبع بيانات صحة السجناء وتجعل هذه البيانات متاحة للباحثين بالشراكة مع معهد أبحاث الفقر بجامعة ويسكونسن. (تحتفظ داج أيضًا بعلاقة مع المعهد، حيث تعمل مع المؤلفة المشاركة مارغريت بورنز، الحاصلة على درجة الدكتوراه). قامت داج وبورنز وزملاؤهم بدمج معلومات من إدارة الإصلاح في ويسكونسن مع بيانات Medicaid، مما سمح لهم بتتبع التاريخ الطبي للسجناء من السجن إلى مجتمعاتهم.

تتبع الفريق البحثي جميع البالغين الذين تم إطلاق سراحهم من مرافق الإصلاح بالولاية من أبريل 2015 إلى يونيو 2017، وبلغ عددهم 12,960 شخصًا، 90% منهم من الذكور، لكنهم متنوعون عرقيًا، وتتراوح أعمارهم من المراهقين إلى كبار السن.

اهتم الباحثون بشكل خاص بـ 4,302 شخصًا كانوا يتناولون أدوية موصوفة لأمراض مزمنة خلال ثلاثة أشهر من إطلاق سراحهم والتحقوا ببرنامج Medicaid فور إطلاق سراحهم. بمعنى آخر، أشخاص يحتاجون إلى الاستمرار في تناول الأدوية ولديهم وصول نظري سهل إليها.

فقط نصفهم واصلوا تناول أدويتهم.

توصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج من خلال بيانات Medicaid التي أظهرت أن 51.7% فقط قاموا بملء وصفتهم الطبية، على الرغم من أنهم جميعًا غادروا السجن وهم يحملون وصفة طبية.

كما تتبع الباحثون عدد السجناء السابقين الذين زاروا طبيبًا خلال ستة أشهر من إطلاق سراحهم. كان الوصول إلى مقدم الرعاية الصحية و/أو الرغبة في زيارته مؤشرًا رئيسيًا على صحة السجناء السابقين. أولئك الذين زاروا طبيبًا كانوا أكثر عرضة بنسبة 40 نقطة مئوية لملء وصفتهم الطبية، وبالتالي الاستمرار في تناول الأدوية التي تساعدهم على البقاء بصحة جيدة.

قالت داج: “هؤلاء أشخاص يعانون من أمراض القلب والسكري والقلق وأمراض نفسية شديدة.” حددت داج وزملاؤها 25 فئة من الأدوية للحالات المزمنة، وأشارت إلى أن هؤلاء الأشخاص “لا يتوقفون عن الحاجة إلى الأدوية لمجرد أنهم غادروا السجن.”

لا تتناول الدراسة أسباب توقفهم عن تناول الأدوية، ولا تفترض أن الصورة في ويسكونسن تعكس بالضبط ما يحدث في بقية أنحاء البلاد. لكن النتائج تشير إلى أن قضايا مماثلة قد تكون موجودة في أماكن أخرى ويجب معالجتها، كما قالت داج.

يميل الأشخاص الذين تم إطلاق سراحهم حديثًا إلى الحصول على دخل قليل، إن وجد، حيث نادرًا ما يكون لديهم وظيفة عند الإفراج عنهم. لذلك، عندما لا يستطيع السجين السابق تحمل تكاليف الرعاية الصحية ويعاني من مشكلة صحية كارثية، مثل زيارة غرفة الطوارئ، غالبًا ما يتم تحميل التكلفة على المجتمع: يتم توزيعها بين الأشخاص الذين يستخدمون نظام الرعاية الصحية أو دافعي الضرائب. أظهرت العديد من الدراسات أن الخطوات الوقائية البسيطة، مثل تناول الأدوية الموصوفة، يمكن أن تقلل من هذه التكاليف النظامية.

قالت داج: “نعلم أن صحة السجناء، وصحتهم بعد الإفراج عنهم، تكون عمومًا أسوأ من صحة الأشخاص الذين لم يسجنوا ولكنهم متشابهون ديموغرافيًا. هذا له عواقب على الأفراد أنفسهم، وبشكل واضح، على مجتمعاتهم أيضًا: المزيد من الاستجابات الطارئة، وركوب الإسعاف، وزيارات غرف الطوارئ، وتكاليف أخرى.”

المصدر:
مجلة “JAMA Network Open”

المرجع العلمي:
Dague, L., et al. (2025). Continuity of Prescription Medication Use Among Adults Leaving State Prison. JAMA Network Open. doi.org/10.1001/jamanetworkopen.2024.61982.